عاصفة غير متوقعة تزيد من قوة الأسرة بأكملها

ولدت ميساء بصحة جيدة، وبدأت تكبر كطفلة مستقلة تعتمد على نفسها وتحب ان تساعد الاخرين، " تقول والدتها أنها دائما ما كانت تحضر طعامها للمدرسة بنفسها، كما كانت مستقلة في اختيار وارتداء ملابسها"، لكن وبعد اصابتها بفايروس تسبب لها بشلل رباعي واوقفها عن الحركة باتت هذه الشخصية المستقلة سيف ذو حدين بالنسبة لميسا التي لم تعتد على طلب المساعدة من الاخرين.

تلقت ميساء علاجها من الفايروس وتعافت، غير انه تركها مع اعاقة حركية تحتاج لعلاج وتأهيل مكثف حيث توقع الأطباء انها بحاجة لمدة لا تقل عن ستة اشهر على الاقل قبل ان تكون قادرة على المشي مجددا.

بسبب هذا الفايروس، تغيرت حياة ميساء برمتها في يوم واحد، أصبحت بحاجة مساعدة من حولها، ولم تستطع استكمال تعليمها في مدرستها بسبب وجود العديد من الدرجات والسلالم، حيث لم تكن والدتها قادرة على حملها للطوابق العلوية وبالتالي كان على والدها مغادرة عمله بشكل يومي ليقوم بهذه المهمة. ولتتمكن ميساء من استكمال تعليمها بشكل افضل اضطرت العائلة لتغيير مدرستها والانتقال لمدرسة بعيدة جدا عن المنزل.

التقى مديرنا الطبي الدكتور وضاح ملحيس بميساء ووالدتها في الضفة الغربية، وقام بتحويلها لتتلقى برنامج علاجي وتأهيلي مكثف وشامل في مركز تأهيل الطفل، في مؤسسة الأميرة بسمة بالقدس، حين وصلت ميساء لمركزنا لم تكن قادرة على السير وكان ذراعاها شبه مشلولين، حتى انها لم تكن قادرة على حمل كوب ماء او هاتف في يدها.

وبحسب والدتها، " لم تكن ميساء تحب الجلسات العلاجية في البداية، كما ان والدتها لم تكن مؤمنة بفاعلية هذه الجلسات، هي اعتبرت انها لن تحقق النتائج المطلوبة في الوقت القريب. ومع ذلك من خلال ادخال تلوَ الاخر بدأت الام تدرك الفرق وترى التقدم، حيث ان الادخالات تكون شاملة ومكثفة، " اعتقدت في البداية ان الجلسات العلاجية لن تكون كافية، ولكن كثافة وعدد الجلسات المقدمة يوميا احدث فرقا كبيرا بالنسبة لنا".

بالاضافة لخدمات التأهيل الشامل المقدمة لميساء، تلقت والدتها خدمات الدعم والارشاد من خلال برنامج تمكين الام والاسرة، " لقد تم تدريبي من خلال تواجدي في كل جلسة علاجية لطفلتي، وذلك حتى اتمكن من الاستمرار في تقديم خدمات العلاج لابنتي أثناء وجودنا في المنزل، او حتى خلال الفترة المسائية خلال وجودنا في مركز تأهيل الطفل" . لقد ساعدت هذه الخدمات والدة ميساء على فهم علاج طفلتها، كما نقلت هذه الخبرات لجميع افراد الاسرة، إذ قامت العائلة بدمج خطة العلاج المنزلية مع نظام حياتهم اليومي.

وكما ذكر اعلاه، توقعت الاسرة شفاء ميساء في غضون ستة اشهر الى سنة، لكن في الواقع هذا لم يحدث، وبالطبع انه من الصعب تقبل هذا الامر بالنسبة للعائلة وقد رافق هذا الانتظار الكثير من القلق حيث ان لا شيء مؤكد بالنسبة لهم تقول الأم "

من اليوم الاول في برنامج تمكين الأم والاسرة تحصل العائلات على دعم كامل، بهدف تعزيز تحسن اطفالهم ومساعدتهم على تخطي العقبات والتطلع للمستقبل بأمل، " يجب أن يكون هناك امل بغض النظر عن الصعوبات من الممكن لافراد العائلة العمل معا، اذ اننا لازلنا نحاول والأمور تتحسن تدريجيا"، وتضيف " مع الوقت بدأت ميساء تستمتع خلال وجودنا في مركز التأهيل، اذ ان رؤيتها لاطفال اخرين تجعلها تشعر بانها ليست وحيدة، كما أن فريق مؤسسة الأميرة بسمة داعمون جدا ولا يتأخرون في الرد على رسائلنا او مكالمتنا"

زارت ميساء مركز التأهيل مؤخرا خلال شهر تشرين الثاني، وهي الان تسير بشكل مستقل وهي اقرب من اي وقت مضى للشفاء التام، " كل الأمور الان تسير على ما يرام، والان ميساء قادرة على تحضير طعامها المدرسي مرة اخرى" بحسب تعبير والدتها.

قبل مغادرة مركز تأهيل الطفل، تركت الأم وابنتها رسالة شكر لفريق مؤسسة الأميرة بسمة بالقدس للتعبير عن سعادتهم بعودة ميساء لحياتها الطبيعية مستقلة ونشيطة كما عهدتها عائلتها.

في بعض الاحيان، تكون العواصف غير المتوقعة هي التي يمكن ان تغير حياتنا للأفضل، وفي معظم الوقت نظن اننا لا نستطيع المضي قدما، غير اننا وعندما نكون في ساحة المعركة فقط، نعرف كم اننا نستطيع.

أحدث نشرة إخبارية
21/12/2023
أحدث النشرة الإخبارية
نشرة شتاء 2023
نشرة شتاء 2023